يستحق المشاهدة (Interstellar)
- مصعب أزهري كمبال وميسرة صلاح الدين عثمان
- Jun 29, 2016
- 4 min read

إنها نادرة حقًّا تلك الأفلام التي يمكن أن تعتبر علامة فارقة في صناعة السينما، بحيث لا تعود السينما بعدها كما كانت أبدًا. فيلم (بين النجوم) هو أحد هذه الأفلام القلائل والتي لايمكن أن يكفي الحديث عنها في مقال أو اثنين، بل ربما تحتاج لمجلدات تحوي ماراثونات محمومة من المراجعة للمزايا القوية التي بها.

سواءًا كنت محبًا لأفلام الخيال العلمي وأفلام الفضاء أم لا؛ هذا فيلم لا يسعك تفويته. لن نبالغ حين نقول أن هذا الفيلم هو أحد العلامات الفارقة (Milestones) في تاريخ أفلام الفضاء خصوصًا وأفلام الخيال العلمي بشكل عام. أفلام الفضاء منذ بداياتها الخجولة عندما كان السفر للفضاء يعد حلمًا بعيد المنال بداية من الفيلم الصامت (رحلة للقمر A trip to the moon) الصادر عام 1902م والمبني على رواية (أول رجال على سطح القمر) للكاتب البريطاني (هربرت جورج ويلز) رائد الخيال العلمي في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين. مرورًا بأفلام رائعة بعد ما صار حلم الفضاء حقيقة في الخمسينيات وخصوصا فيلم (2001: أوديسا الفضاء 2001: A Space Odyssey ) الصادر في 1968م، وأفلام المخرج الكبير ستيفان سبيلربرج (اللقاءات اللصيقة من النوع الثالث Close Encounters of the third kind) و(الفضائي أو من خارج الأرض Extra-terrestrial ) والشهير بـ( إي تي E.T.). جميع هذه الأفلام كانت نقلة في تطور تجسيد النظريات والأفكار والتصورات العلمية والفيزيائية للكون. وفيلم (بين النجوم) يعد واحدًا من هذه الأفلام التي غيرت وستغير من حال أفلام الفضاء بعدها لفترة زمنية ليست بالقصيرة.
مشهد من فيلم رحلة إلى القمر في عام 1902م

مشهد من فيلم (الفضائي : إي.تي.) يظهر فيه المخلوق الفضائي البريء مع صديقه الطفل الأرضي

الملصق الإعلاني للفيلم
السفر بين النجوم
بعد هذه المقدمة لابد أنك تتسائل لماذا كل هذا الحديث عن فيلم كهذا؟ منذ دخول الحاسوب والتصميم ثلاثي الأبعاد في السينما والإبهار التصويري شيء متوقع! .. لو أن هذا ما يدور في خلدك فأنت لا تدري قيمة الأمر حقيقة. فأن يشارك في صناعة وإنتاج الفيلم عالم فيزياء فلكية متخصص هو (كيب ثورن Kip Thorne) مع شركات مثل (سينكوبي Syncopy) و)ليندا برودكشن Lynd Obts Productions) و (باراماونت بكتشرز Paramount Pictures) و (وارنر براذرس Warner Bros) وأخيرًا (ليجنداري بيكتشرز Legendry Pictures) فهذا لا يدل سوى على أنه فيلم ضخم ومتميز فعلاُ. أضف إلى ذلك أن وكالة الفضاء الأكبر في العالم (ناسا NASA) قد شاركت هي وشركة (سبايس اكس Space X) بالتمويل الفكري والعلمي للفيلم. الفيلم يعد أول فيلم يخوض في النظريات العلمية الكبرى وعلى رأسها نسبية (أينشتاين) بهذه الدقة ويقوم بتجسيد كل ما توصلت إليه العلوم والنظريات بشأن الثقوب السوداء وهو أمر لم تصل إليه بعد حتى أقوى برامج المحاكاة المستخدمة في المجال العلمي لأنها لا تحظى بهذا الكم الهائل من الدعم المادي والتقني الذي لقيه صناع الفيلم.

لقطة لكريستوفر نولان مخرج الفيلم وهم يعدون العدة لمشهد يضم (الرائد كوبر/ ماثيو ماكوناهي) مع ابنيه المراهقين
التمثيل
كان التصوير و التمثيل من أبسط مراحل الفيلم حيث يبدأ الفيلم بعرض حالة تدهور الأرض و لفح المحاصيل حتى تبدأ ناسا في عمليات جادة لاستكشاف لكواكب أخرى قابلة للعيش ولإنقاذ البشرية. يسافر رائد الفضاء (كوبر) والذي يجسده النجم الرائع (ماثيو ماكوناهي ) مع فريق من رواد الفضاء يضم (آن هاثاواي) بدور (إميليا براند) و( ديفيد غياسي) بدور (روميلي ) عبر (ثقب دودي Wormhole) لتبدأ المغامرة. الفيلم لم يكن مجرد استعراض للمقدرات التقنية في تجسيد الفضاء الخارجي فقط بل كان مباراة درامية وتمثيلية على أعلى مستوى وخصوصا بمشاركة القدير (مايكل كين) بدور (بروفسير جون براند) وأداء (ماكنزي فوي ) لدور (ميرفي كوبر) ابنة الرائد كوبر.

ماثيو ماكوناهي في دور كوبر رائد الفضاء

آن هاثاواي في دور رائدة الفضاء إميليا براند

دافيد غياسي في دور الرائد أوميلي

مشهد لماثيو ماكوناهي في دور (كوبر) ومعه الصغيرة ماكنزي فوي بدور (ميرفي كوبر) ابنته
التجسيد المقنع
قوة الفيلم لا تكمن فقط في التمثيل الذي لا يمكن وصفه إلا بالممتاز. لكنه لم يطغ على روعة التجسيد المذهل الذي يعكس أحداث الفيلم الخيالية بصورة واقعية مدهشة ومقنعة إلى حد بعيد. واستخدام المؤثرات البصرية والصوتية –خصوصًا موسيقى العبقري (هانس زيمر Hans Zimmer) بالإضافة للمشاهد الخلابة المتصورة لأشكال الكواكب والتي تجعلك مجزما بأن هذا الفيلم من المستقبل فعلاً وخصوصًا حين تعلم أنه قد اعتمد على ثمان نظريات فيزيائية أشرف على توصيفها وضبط ظواهرها البروفيسور ثورن وخصوصا ظاهرة نسبية الزمن والفرق بين دورته في كوكب الأرض و بقية الكواكب. حيث ستجد أن أي ساعة على سطح كوكب منها تعادل سبع سنوات على الأرض.!


تجسيد تصويري يشابه الواقع لأحد الكواكب مغطى بالمياه بشكل كامل
التأليف والإخراج
الفيلم من تأليف (جوناثان نولان Johnathan Nolan) وشاركه في القصة أخوه ومخرج الفيلم (كريستوفر نولان Cristopher Nolan). كان مرصودًا أن يخرج الفيلم العبقري الكبير (ستيفان سبيلبرج Stephan Spielberg) لكن تغيرات في أوضاع المخرج التقاعدية اضطر شركة (باراماونت) للبحث عن مخرج آخر فرشح لهم جوناثان أخاه كريستوفر والذي كان لتوه قد خرج من تجربته المميزة في فيلم (ازدراع أو استهلال Inception). فقام بإخراجه ولا يزال كريس نولان يبدع بطرق إخراجه حيث تفوق على نفسه وأبدع في تصوير كل شيء ورغم أنه كلف المنتجين أقل بكثير عن الميزانية المرصودة للانتاج إلا أن جودة الفيلم كانت مرتفعة لأضعاف مستوى التوقعات بكثير.

منطقة المكعب رباعي الأبعاد وتجسيد البعد الخامس بصورة تخيلية عالية الدقة والتقنية

المخرج مع بطل الفيلم داخل مجسم المركبة الفضائية للإعداد لأحد المشاهد
كل ما ذكرناه يجعل هذا الفيلم غير قابل للتفويت ويجب مشاهدته - ربما لأكثر من مرة - لأنه ببساطة واحد من أفضل الأفلام في تاريخ السينما حتى الآن .
نتمنى لكم مشاهدة طيبة ..
معرض الصور
شاهد تشويقية الفيلم (التريلر) من هنا
Comments